فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب تبرؤ الرسول عن علم الغيب وأمر الرسول بسؤال الكفرة:

{قُلْ} لهم يا سيد الرسل {إِنّما الْعِلْمُ} بوقته ونوعه {عِنْد اللّهِ وإِنّما أنا نذِيرٌ مُبِينٌ} 26 فقط لا أعلم ما هو ومتى يأتيكم، وما علي إلا أن أبلغكم ما أتلقاه من ربي وأخوفكم نزوله، لأنه من الغيب ولا يعلمه إلا اللّه {فلمّا رأوْهُ زُلْفة} قريبا منهم في الدنيا أو في الآخرة، وقد جاء بالماضي مع أنه مستقبل لتحقق وقوعه {سِيئتْ وُجُوهُ الّذِين كفرُوا} وعلتها الكآبة وغشيتها الفترة وعمّتها الغبرة حين رؤيته {وقِيل} لهم من قبل ملائكة الموت في الدنيا وفي الآخرة من قبل الخزنة الموكلين بالعذاب أو من قبل الملائكة الموكلين بتدبير الأرض أو الملائكة الموكلين بإنزال العذاب من السماء على أهل الأرض {هذا الّذِي كُنْتُمْ بِهِ} من قبل في الدنيا {تدّعُون} 27 وقوعه وتطلبون نزوله وتتمنون قربه وتسألون تعجيله وهو الذي كنتم تدعون كذبه وتكذبون من أنذركم به {قُلْ} يا سيد الرسل لهؤلاء الكفرة {أرأيْتُمْ إِنْ أهْلكنِي اللّهُ ومنْ معِي} من المؤمنين {أوْ رحِمنا} بتأخير آجالنا لأننا ننتظر إحدى الحسنيين البقاء مع النصر عليكم والظفر بكم أو الموت ودخول الجنة، لأن اللّه يأخذ بيد المؤمنين ويجيرهم {فمنْ يُجِيرُ الْكافِرِين مِنْ عذابٍ ألِيمٍ} 28 لا تطيقه أجسامهم ولابد لهم منه إذا ماتوا على كفرهم، والمراد بالكافرين المخاطبون في هذه الآية، أي ماذا تصنعون إذا حل بكم عذاب اللّه ومن هو الذي يجيركم منه وأنتم على كفركم، ويدخل في هذه الآية كل من هو على شاكلتهم {قُلْ هُو الرّحْمنُ} الذي أدعوكم إليه أيها الناس هو اللّه ربنا الذي {آمنّا بِهِ} نحن {وعليْهِ توكّلْنا} في كل أمورنا فهو مجيرنا من كل سوء لإيماننا به وأنتم لا مجير لكم البتة لإصراركم على الكفر وتفويض أمركم إلى أوثانكم {فستعْلمُون} غدا {منْ هُو فِي ضلالٍ مُبِينٍ} 29 نحن أم أنتم وهل يشفع لنا ربنا أم تشفع لكم أوثانكم، وهذه الآية جارية مجرى التهديد، ثم ذكرهم ببعض نعمه على طريق الاحتجاج بقوله عز قوله: {قُلْ} لهم يا خاتم الرسل {أرأيْتُمْ إِنْ أصْبح ماؤُكُمْ غوْرا} ذاهبا في الأرض غائرا فيها لوصفه بالمصدر كعدل وعادل وهو سبب حياتكم لأنكم تشربون منه {فمنْ يأْتِيكُمْ بِماءٍ معِينٍ} 30 جار على وجه الأرض أو راكد فيها تناله أيديكم ودلائكم، فسيقولون لك حتما اللّه يأتينا به، فقل لهم إذا لم تشركون فيه من لا يقدر على شيء؟ فتلزمهم الحجة.
قالوا تليت هذه الآية عند محمد بن زكريا المتطبب وهو ملحد فقال يأتي به المعول والفأس، فأذهب اللّه ماء عينه في تلك الليلة أعاذنا اللّه من الغرور وحفظنا من الاتكال على أنفسنا وزادنا بصيرة في مكوناته.
ولا يوجد في القرآن سورة مختومة بمثل هذه اللفظة، وتسمى سورة المجادلة لأنها تجادل عن قارئها ملائكة العذاب، والمنجية لا دخار ثوابها عند اللّه، والمانعة لأنها تمنع من يواظب على قراءتها العذاب في الآخرة وتنجيه من عذاب القبر، والواقية لأنها تقيه مجادلة الملكين ومن العذاب الأخروي.
أخرج الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال «إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك».
وإنما قال: {تبارك} لأن سورة السجدة وسورة الفجر المارتين كل منهما ثلاثون آية لعدم الالتباس.
وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباء على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر».
وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه وعبد بن حميد في مسنده واللفظ عن ابن عباس «أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال بلى، قال اقرأ {تبارك الذي بيده الملك} وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن تنجيه من عذاب النار وينجو بها صاحبها من عذاب القبر».
واعلم أن هذه الأحاديث وشبهها من قبيل الإخبار بالغيب مما أطلع اللّه تعالى رسوله على بعض أحوال القيامة وأنه يكون حال من يقرأها أو السور الأخرى الواردة فيها من هذا القبيل كما أخبر وإلا فدفع العذاب والحساب ودخول الجنة أو النار يكون في القيامة لا في الدنيا، راجع آخر سورة الواقعة وآخر السجدة المارة فيما يتعلق بهذا.
واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد للّه رب العالمين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة الملك مكية.
{قدير} كاف إن جعل خبر مبتدأ محذوف وليس بوقف إن جعل نعتا لـ: {الذي بيده الملك} وكذا الحكم في {الغفور}.
{طباقا} كاف وكذا {من تفاوت}.
{وهو حسير} تام.
{للشياطين} كاف.
{السعير} تام لمن قرأ {عذاب جهنم} بالرفع وان قرئ بالنصب فجائز.
{جهنم} كاف وكذا {المصير} و{من الغيظ} و{نذير}.
وقيل الوقف على {بلى} وهو جائز.
{كبير} كاف وكذا {السعير} و{فاعترفوا بذنبهم}.
{لأصحاب السعير} تام.
{كبير} كاف.
{أو اجهروا به} صالح.
{بذات الصدور} حسن.
{الخبير} تام.
{من رزقه} كاف.
{النشور} حسن.
{حاصبا} كاف.
{كيف نذير} تام وكذا {نكير} و{يقبضن} و{إلا الرحمن}.
{بصير} كاف وكذا {من دون الرحمن} و{غرور} {إن أمسك رزقه}.
{ونفور} حسن وكذا {مستقيم}.
{والأفئدة} كاف.
{ما تشكرون} كاف.
{صادقين} حسن وكذا {نذير مبين} و{توعدون} و{أليم}.
{توكلنا} كاف.
{في ضلال مبين} حسن.
آخر السورة تام. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة الملك:
مكية.
ثلاثون آية.
وكلمها ثلاثمائة وخمس وثلاثون كلمة.
وحروفها ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر حرفا.
{بيده الملك} حسن.
{قدير} تام. إن جعل ما بعده مبتدأ وكاف إن جعل خبر مبتدأ محذوف أو نصب بتقدير أعني وليس بوقف إن جعل نعتا أو بدلا.
ولا يوقف على {ليبلوكم} لأنّ الفائدة فيما بعده.
{أحسن عملا} حسن.
{الغفور} كاف. إن جعل ما بعده في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي أو نصب بتقدير أعني وليس بوقف إن جعل نعتا لما قبله أو بدلا منه.
{طباقا} كاف. ومثله {من تفاوت} على القراءتين قرأ الأخوان {من تفوُّت} بتشديد الواو دون الألف والباقون بتخفيفها وبالألف وهما بمعنى واحد و{من تفاوت} مفعول {ترى} و{من} زائدة والمعنى ما ترى يا بن آدم فيما خلق الرحمن من تناقض ولا اعوجاج ولا خلل بوجه مّا.
{من فطور} جائز.
{كرتين} ليس بوقف لأنّ ما بعده جواب الأمر.
{وهو حسير} تام.
{بمصابيح} جائز.
{للشياطين} حسن.
{السعير} تام. لمن قرأ {عذاب جهنم} بالرفع وليس بوقف على قراءة الأعرج {عذاب جهنم} بالنصب عطفا على {عذاب السعير}.
{جهنم} كاف.
{المصير} تام. ومثله {من الغيظ} عند أبي حاتم.
{ألم يأتكم نذير} كاف. لأن {قالوا} وما بعده جواب الاستفهام واعتراف بمجيء النذير لهم وفيه دليل على جواز الجمع بين حرف الجواب ونفس الجملة المجاب بها إذ قالوا بلى لفهم المعنى ولكنهم أظهروه تحسرا وزيادة في غمهم على تفريطهم في قبول النذير ونذير الثاني عدّه المدني الأخير رأس آية فعلى قوله تكون السورة إحدى وثلاثين آية.
{من شيء} جائز. على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل {إن أنتم} مفعول {قلنا} أو مفعول قول الخزنة المحذوف أي قالت الخزنة إن أنتم. أو هو من قول الكفار للرسل الذين جاؤا نذرا لهم أنكروا أنّ الله أنزل شيئا.
{كبير} كاف.
{أو نعقل} ليس بوقف لأنّ جواب لو ما بعده.
{في أصحاب السعير} كاف.
{فاعترفوا بذنبهم} حسن.
{لأصحاب السعير} تام.
{بالغيب} ليس بوقف لأنّ خبر أن لم يأت بعد.
{كبير} تام.
{أو اجهروا به} كاف.
{الصدور} تام.
{من خلق} حسن لتناهي الاستفهام.
{الخبير} تام.
{ذلولا} جائز.
{في مناكبها} ليس بوقف لعطف ما بعده على ما قبله.
{من رزقه} كاف.
{النشور} تام. قرأ قنبل {النشور} {وأمنتم} بواو مفتوحة بدل من همزة {أأمنتم} في الوصل خاصة.
{بكم الأرض} جائز. أي يجعل الأرض مخسوفة بكم إن عصيتم.
{تمور} رأس آية وليس بوقف وقوله: {أن يرسل} و{أن يخسف} بدلان مِن {من في السماء} بدل اشتمال أي أمنتم خسفه وإرساله قاله أبو البقاء أو هو على حذف من أي أمنتم من الخسف والإرسال والأول أظهر ومعنى {تمور} تتحرك عند الخسف بهم.
{حاصبا} كاف للابتداء بالتهديد.
{كيف نذير} تام. ومثله {كيف كان نكير} وكذا {ويقبضن} عند أبي حاتم ونافع والوقف على {الرحمن} و {بصير} و {من دون الرحمن} و {في غرور} كلها وقوف كافية لأنّ {أم} في الأخير تصلح استفهاما مستأنفا وتصلح جوابا للأولى.
{إن أمسك رزقه} حسن. ومثله {ونفور} وقيل كاف.
{أهدى} ليس بوقف لأنّ قوله: {أمن يمشي} معطوف على {من} الأولى كأنّه قال أأحد يمشي مكبا على وجهه أهدى أم أحدٌ يمشي سويا معتدلا يبصر الطريق وهو المؤمن إذ لا يوقف على المعادل دون معادله لأن {أمن يمشي سويا} معادل {أفمن يمشي مكبا}.
{مستقيم} تام.
{والأفئدة} كاف. وانتصب {قليلا} على أنّه صفة لمصدر محذوف.
{تشكرون} تام.
{في الأرض} حسن.
{تحشرون} تام.
{صادقين} كاف.
{عند الله} حسن.
{مبين} كاف.
{الذين كفروا} جائز.
{تدعون} تام.
{أو رحمنا} ليس بوقف لأنّ جواب الشرط لم يأت وهو فمن يجير فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف.
{أليم} كاف.
{قل هو الرحمن} حسن.
{آمنّا به} أحسن منه.
{توكلنا} كاف للابتداء بالتهديد.
{مبين} تام.
{غورا} حسن. كذا وسمه شيخ الإسلام بالحسن ولعله من حيث إنّ العامل قد أخذ معموليه وذلك يقتضي الوقف وأما من حيث أنّ الشرط لم يأت جوابه فذلك يقتضي عدم الوقف والثاني أظهر والله أعلم بكتابه.
ومعنى {غورا} غائرا وصف الماء بالمصدر كما يقال درهم ضرب وماء سكب ومن اسم استفهام مبتدأ في محل رفع و{يأتيكم} في محل رفع خبر وجواب من الاستفهامية مقدر تقديره الله رب العالمين وكذا يقدر بعد قوله: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} وكذا بعد قوله: {أليس الله بأحكم الحاكمين} فيستحب أن يقول بلى فيها وينبغي الفصل بالوقف بين الاستفهام وجوابه ولا تبطل الصلاة بذلك وانظر لو قال ذلك عند سماع ذلك من غير الإمام.
آخر السورة تام.
كل شيء في القرآن من ذكر {معين} فهو الماء الجاري إلا هذا الحرف فإنّ الله عنى به ماء زمزم.. اهـ.